عندما يحلم جوزيف عون بتقمّص شخصية فؤاد شهاب
عد أن سُدّت المنافذ بوجه رئيس الجمهورية بشارة الخوري، ومطالبته بالإستقالة من منصبه من قبل الشعب، والنواب، وبعد أن استنفذ كل الخيارات أمامه للتمسك بالسلطة، قرر الإستقالة، فشكّل أول حكومة برئاسة عسكري في لبنان عبر المرسوم 9442، تاريخ 18 أيلول 1952، برئاسة قائد الجيش آنذاك اللواء فؤاد شهاب، وعضوية ناظم عكاري من الطائفة السنية، وباسيل طراد من طائفة الروم الأرثوذكس.
لم تكن تلك الحكومة، حكومة عسكرية مكتملة الأوصاف، فلبنان شهد بتاريخه حكومتين عسكريتين، الأولى عام 1975 إبّان إندلاع الحرب الأهلية في لبنان، وضمّت 7 شخصيات عسكرية، وشخصية مدنية واحدة، برئاسة العميد أول المتقاعد نور الدين عبد الله الرفاعي من الطائفة السنّية، أما الثانية فكانت الأشهر وشُكلت من قبل الرئيس أمين الجميل في 22 أيلول عام 1988 برئاسة قائد الجيش ميشال عون.
لا داعي للغوض التاريخي بتجارب الحكومات العسكرية السابقة في لبنان، فالكل يعلم النتائج التي ترتبت عليها، والأهم يعلم بأنها لم تكن يوماً محطّ إجماع لبناني، فهل هناك ما تغيّر اليوم، لكي يعود الحديث عن الحكومة العسكرية إلى الواجهة؟
قائد الجيش يسعى؟
في صيف العام 2019 كان لقائد الجيش جوزيف عون كلاماً قاسياً للغاية بحق الحكومة، ويومها سرى حديث عن “انقلاب عسكري” يُحضّر، ولكن بعدها بأشهر قليلة اندلع الحراك الشعبي، فغاب الموضوع، ليعود اليوم بقوّة، من خلال خطاب عون الأخير، وطريقة تعامله مع الأحداث التي تحصل في الشوارع.
في هذا السياق تُؤكد أوساط سياسية متابعة أن قائد الجيش لا يفكر بقيادة انقلاب عسكري في لبنان، وهو يعلم أن توازنات هذا البلد تجعل أي محاولة انقلاب، انتحاراً، ولكنه في الوقت نفسه لا يجد مانعاً من توليه “مرحلة انتقالية” طالما أن القوى السياسية فقدت القدرة على إدارة البلد.
وتضيف الأوساط عبر “أحوال”: “هناك جهات تدور حول قائد الجيش تحاول بثّ هذه الفكرة لديه، وتذكّره بـ”المنقذ” فؤاد شهاب، الذي كان أول عسكري يقود الحكومة في لبنان، وكيف أن ذكرى الرجل لا تزال حاضرة، ومن هنا قد تُفهم مواقفه الأخيرة الحادّة، والتي توجه فيها بشكل مباشر للقوى السياسية”، مشددة على أن تنفيذ الفكرة لن يكون بالإكراه، وجوزيف عون لا يريد المواجهة مع أي طرف بشكل مباشر.
مواقف القوى السياسية
ترى أغلب القوى السياسية أن تشكيل حكومة عسكرية انتقالية في لبنان أشبه ما يكون بـ”المستحيل”، فكل الظروف التي يمكن أن تساعد على هذا الأمر لا ولن تتوافر إلا بمعجزة، وفي هذا السياق تؤكد مصادر تيار “المستقبل” عبر “أحوال” أن ما بعد الطائف لا يمكن أن يكون كما قبله، واليوم فإن طريقة تشكيل الحكومات واضحة ومعروفة، وموقع الرئاسة الثالثة غير خاضع للتجارب ولا للمقايضة ولا للبيع، وبالتالي من الغريب التفكير بحكومات عسكرية تقود لبنان إلى الفوضى، بدل التركيز على كيفية تشكيل حكومة تُنقذ لبنان.
أما بالنسبة إلى الفريق الشيعي، فتُشير مصادره إلى أنه غير متحمّس لأي نوع من الحكومات العسكرية، ويرى أن أفكار كهذه ستزيد التوتر في البلد ولا تحمل الحلول، لذلك فالأفضل التركيز على ما يمكن القيام به في هذه المرحلة، كاشفة عن إطلاقه محاولة جديدة لتقريب وجهات النظر بين رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بدأت فور عودة الاخير أمس إلى لبنان.
وتدعو مصادر الفريق الشيعي عبر “أحوال” إلى عدم زجّ إسم المؤسسة العسكرية في آتون الخلافات السياسية الداخلية، لأنها المؤسسة الوحيدة التي تحفظ أمن اللبنانيين.